Ahad, 16 Ogos 2009

نشأة المكتبات في العصر الإسلامي

كانت الكتب قبل اختراع الطباعة غالية الثمن ، لا يقتنيها إلا الأغنياء ، لأنها كان
مخطوطات مرتفعة التكاليف ، ولذلك قام القادرون من محبِّي العلمِ بإنشاءِ المكتبات ، يجمعون فيها الكتاب ، ويفتحون أبوابها للراغبين في القراءة والبحث. وكانت هذه المكتبات تؤتي ما تؤديه معاهد العلمِ والجامعات في الوقت الحاضر.
وقد اهتم المسلمون بأبنية المكتبات العامة التي كانت تُعدُّ لاستقبال الجماهير. وكان
البناء مزوَّدا بحجرات متعددة ، تربط بينها أروقة واسعة ، وكانت الرفوف تثبت بجوار الجدران لتوضع فيها الكتب. وكانت هناك أروقة للاطلاع وأخرى للنسخ وبعضها لحلقات الدراسة. وشملت بعض المكتبات كذلك حجرات للموسيقى يذهب إليها المطالعون للتر فيه وتحديد النشاط وكانت جميع الحجرات مؤثثة تأثيثا.



وكانت لهذه المكتبات فهارس منظمة ، تتناول عناوين الكتب وأسماء المؤلفين. وقد كان
لمكتبة دار الحكمة في القاهرة فهرس كبير. وكانت استعارة الكتب مباحة ، وإن وضعت عليها قيود لتنظيم العمل. فكانت مكتبة القاهرة لا تعبر كتبا إلا للساكنين في القاهرة فقط ، وأحيانا يطلب إلى المستعير أن يدفع ضمانا ، ولكن يعفى العلماء من دفع الضمان أو التأمين. وكانت الاستعارة الخارجية محددة بوقتٍ معينٍ لا يزيد عن شهرين.
وقد قامت الترجمة بدوركبيرفي هذه النهضة العلمية،وكانت النهضةأول الأمرمقصور على الدراسات الدينية واللغوية ، وأول مَن عرفت له مكتبة في الإسلام هو خالد بن يزيد سنة 85 هجرية. فقد اهتم بإخراج كتب القدماء ، وترجمت له كتب الطبِّ والكيمياء ، فقد أحضر جماعة من فلاسفة اليونان وأمرهم بنقل الكتب إلى العربية. وقد بلغ عهد الترجمة شهرته الواسعة في عهد الخليفة هارون الرشيد. فكان بالمكتبات العامة والخاصة المترجمون والنساخ. فتحضر الكتب للنساخ لينقلوا صورا منها تزود بها المكتبة. وإذا خاف مؤلف الكتاب أو صاحبه من إعارته للمكتبة ، انتقل إليه النساخ في منزله ، ليقوموا بعملية الكتابة تحت إشرافه. وقد روي أنه كان بمكتبة (( بني عامر )) بطرابلس الشام ، مائة وثمانون ناسخا يتبادلون العمل ليلا ونهارا بحيث لا يتوقف النسخ ، ولا يقل الذين يقومون بالنسخ عن ثلاثين ناسخا في أي ساعة من ساعات النهار أو الليل. ويعتبر ((بيت الحكمة)) الذي أنشأه هارون الرشيد-أول مكتبة عامة ذات شأن في العالم
الإسلامي، فقد كان مركزا علميا يجتمع فيه العلماء للبحث والدرس ويلجأ إليه الطلاب. ويعتبر عصر الخليفة المأمون أزهى عصور ((بيت الحكمة)) حيث نقل إليه عددا كبيرا من كتب اليونان
ومن المكتبات المشهورة ((دار الحكمة)) التي أنشئت في آخر القرن الرابع الهجري بالقاهرة، وقد حملت إليها الكتاب من خزائن القصور، وسمح بدخولها لعامة الشعب، فمنهم مَن يحضر للقراءة، ومنهم مَن يحضر للنسخ،ومنهم مَن يحضر للدرس. وكان النباء المخصص لهذه المكتبة عظيما جدا، إذ كانت تشتمل على أربعين خزانة،تسع الواحدة نحو 18000 كتاب، وكانت الرفوف مفتوحة والكتب في متناو الجميع.

هكذا كانت نظرة الإسلام والمسلمين للمكتبة : غذاء للعقل ومكانا للعلم ومركزا للبحث.